فضاء حر

سؤال المظلومين التاريخي الذي أصبح فجأة سؤال ظالمهم التاريخي!

يمنات

“أين الدولة؟”،
هذا هو السؤال الذي ردده ويردده المظلومون اليمنيون بمختلف إنتماءاتهم منذ عقود طويلة، وأكاد أجزم أن كل مظلوم يمني طرح هذا السؤال على نفسه أو على الآخرين كان يعرف جيداً أين الدولة.
إذْ، لم يكن مكان الدولة خافياً على أحد، فقد كانت موجودة على الدوام في يد الظالم الرئيسي والتاريخي لليمنيين منذ ثورة 26 سبتمبر 1962. أكاد أجزم ثانية أن كل يمني مظلوم صرخ يوماً بسؤال “أين الدولة؟”، كان يصرخ وفي رأسه فريق من الظالمين الرئيسيين: بيت الأحمر.
عبدالله حسين الأحمر مع أبنائه العشرة، بالإضافة إلى علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر، هم رموز الظلم والظلام في اليمن. وقد أغرقوا اليمن واليمنيين بظلمهم وظلامهم، ليس بقوتهم القبلية، بل بقوة الدولة، دولة اليمنيين التي يفترض بها أن توفر لهم العدل والنور.
بيت الأحمر لم يختطفوا الدولة ويستحوذوا على الحكم فقط، بل فعلوا ما هو أشنع: حولوا دولة النظام والقانون إلى دولة فوضى وظلم، حولوها من دولة تفرض سلطة القانون على سائر اليمنيين إلى دولة تفرض سلطة بيت الأحمر فوق القانون، حولوها من دولة تفرض القانون على البلد إلى دولة تفرض خروقات وإنتهاكات بيت الأحمر للقانون وللدولة برمتها فوق أجساد وأرواح وممتلكات اليمنيين.
لقد أضعفوا الدولة، وقتلوا معناها في نفوس اليمنيين وواقعهم.
لقد “محقوها” بالمعنى الحرفي للكلمة، إذْ حولوها من دولة نظام وقانون مهمتها الرئيسية توفير حياة آمنة وعادلة وكريمة لليمنيين إلى دولة فوضى وظلم مهمتها الرئيسية تتمثل في قتل معنى “الأمن” ومعنى “العدل” ومعنى “الكرامة” في قائمة واجبات ومهام وأهداف الدولة.
واليوم، هناك تحول كبير. بل إنه تحول تاريخي:
سؤال المظلومين اليمنيين طيلة تاريخ حكم بيت الأحمر أصبح سؤال بيت الأحمر أنفسهم فجأة!
“أين الدولة؟”، أكثر من صرخ بهذا السؤال طوال الأيام الماضية هو إعلام بيت الأحمر وحزب الإصلاح، الحزب الذي يمثل الأداة التاريخية للشيخ الأحمر و”عياله” في الإستحواذ على الدولة، ومن ثمّ في قتلها. من قناة سهيل إلى قناة يمن شباب وغيرها من وسائل الإعلام الأحمرية والإصلاحية، لا تكاد تسمع سوى “أين الدولة؟”.
يا له من تحول! ويا لها من مفارقة!
بيت الأحمر يصرخون: “أين الدولة”!
بعد أن اغتصبوا الدولة و”محقوا” شخصيتها ومعناها ومرغوا أنفها بالوحل والدم، تذكر عيال الأحمر والناشطون الإصلاحيون “الأم الرؤوم” التي افتقدها اليمنيون على الدوام: دولة القانون. تذكروها فجأة بعد أن أكتشفوا مدى ضعفهم في مواجهة الحوثي.
جيد أن يشعر عيال الشيخ الأحمر والإصلاحيون بالحاجة الماسة للدولة، وهو الشعور الذي أتى بعد أن أذاقهم الحوثي من الكأس التي أذاقوا منها اليمنيين كلهم بمن فيهم الحوثيين أنفسهم. جيدٌ جداً لأنه يجعلهم يشعرون بما يشعر به المواطنون اليمنيون كافة، يجعلهم مواطنين.
غير أن “ذيل الكلب لا يعتدل” كما يقول المثل، ومع إعتذارنا طبعا للكلب وذيله. فعيال الشيخ الأحمر بإعلامهم وإصلاحييهم لا يسألون “أين الدولة؟” ويطالبون الرئيس هادي “ببسط نفوذ الدولة على حوث ومناطق الصراع الأخرى في حاشد” لكي يبسط نفوذ الدولة فعلا، بل لكي يبسط نفوذهم هم.
“أين الدولة؟”،
“أين الدولة؟”،
يصرخ عيال الأحمر من خلال إعلامهم ومن خلال حناجر وأفواه الإصلاحيين! إنه السؤال التاريخي الذي طرحه ويطرحه كل مواطن يمني مظلوم طوال عقود من حكم بيت الأحمر لهم. وها قد أصبح أكثر سؤال يردده هذا الظالم التاريخي. غير أن هذا التحول لا يعني أن بيت الأحمر أصبحوا “مواطنين” بل يعني أنهم يودون من الدولة أن تعيدهم إلى الموقع الذي خسروه أخيراً في عمران: موقعهم كمركز قوة فوق القانون وفوق الدولة وفوق كل اليمنيين بالتالي!
فهل سيستجيب الرئيس هادي لهم؟
لننتظر ونرَ ماذا تبقى لنا من “الدولة” وماذا تبقى من “رئيس الدولة”..
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى